دعونا نتحدث عن مروان البرغوثي
فيما يلي نص رسالة أرسلتها إلى رئيس جهاز الشاباك الجديد، رونين بار
17 أكتوبر 2021
إلى: مدير جهاز الشاباك، السيد رونين بار
الموضوع: مرحلة ما بعد أبو مازن ومنع صعود حماس في الضفة الغربية
سيدي المحترم،
أولاً، اسمح لي أن أهنئك بتولّيك منصب رئيس جهاز الشاباك.
أكتب إليك لأنك من المفترض أن تكون بعيداً عن الحسابات السياسية، ولأنك، من بين أمور أخرى، تقدم المشورة لرئيس الوزراء والحكومة في القضايا ذات الأهمية الأمنية.
إن الشارع الفلسطيني سئم من قيادة السلطة الفلسطينية — فبرأيهم جميعهم فاسدون. إن شعبية حماس في الضفة الغربية تنبع، جزئياً، من الاشمئزاز الذي يشعر به الناس تجاه من يقدّمون مصالحهم الشخصية على المصلحة الوطنية للشعب الفلسطيني. ومن الصحيح أن قادة حماس أيضاً فاسدون، لكن في الضفة يعاني الناس يومياً من فساد مسؤولي السلطة، بينما يرون أقل بكثير من فساد قادة حماس.
ووفقاً لجميع استطلاعات الرأي الفلسطينية، ومن خلال تواصل مستمر مع الشارع الفلسطيني في الضفة الغربية وبين مختلف فئات المجتمع، يبدو أن الشخص الوحيد القادر اليوم على كسب ثقة الجمهور — وربما توحيد الصفوف بين فتح وحماس — هو مروان البرغوثي.
أود أن أذكّرك بما فعلته حكومة جنوب إفريقيا قبل نهاية نظام الفصل العنصري. فقد أدرك مسؤولو الأمن هناك، مع زعيم الأقلية البيضاء الرئيس فريدريك ويليم دي كليرك، أن السجين و”الإرهابي” نيلسون مانديلا قد يكون مستعداً للتحدث سراً، من داخل السجن، مع مسؤولي الدولة والأمن حول الحقبة الجديدة التي كانت تقترب. جرت محادثات عديدة بين مانديلا وقيادة البيض داخل السجن، وفي النهاية تم التوصل إلى تفاهمات أدت إلى إطلاق سراح مانديلا وولادة جنوب إفريقيا الجديدة. ورغم وجود اختلافات كبيرة بين جنوب إفريقيا وإسرائيل وفلسطين، إلا أنه ما زال بالإمكان التعلم من تجربة جنوب إفريقيا.
لقد شهد تقريباً كل سياسي إسرائيلي شارك في حوارات مع مروان البرغوثي بأنه قائد، رجل مبادئ، نزيه وصادق، يسعى إلى السلام مع إسرائيل ويمكن التوصل معه إلى تفاهمات. عندما كنت رئيساً لمعهد IPCRI في التسعينات، نظّمت لقاءات عديدة بين مروان وزملائه من حركة “التنظيم” مع سياسيين إسرائيليين، خصوصاً من حزب الليكود. جلسنا مئات الساعات وناقشنا جميع القضايا الجوهرية. مروان كان قائداً آنذاك، ويمكنه أن يقود من جديد في المستقبل.
في الآونة الأخيرة، سألت محامي مروان إن كان لا يزال ملتزماً بالسلام مع إسرائيل، فأجاب بالإيجاب. وبرأيي هذا يستوجب التحقق، وأقترح فحص ذلك أولاً عبر محادثة مباشرة بينك وبين مروان نفسه. وبمعرفتنا أن أبو مازن ليست لديه خطة لما بعد رحيله، فمن غير الحكمة أن تجلس إسرائيل مكتوفة الأيدي تنتظر لترى ما سيحدث في فناء بيتها الخلفي. أقترح أن تبادر وتبدأ محادثات ذات طابع سياسي داخل السجن مع مروان، لاستكشاف إمكانية التوصل إلى تفاهمات معه، وربما إطلاق سراحه بشرط التقدم في هذه المحادثات المقترحة.
نحن نعلم أن حماس قد تطالب بالإفراج عن مروان من السجن، كما وعد إسماعيل هنية زوجته بذلك. ومن الواضح أن إسرائيل لن تطلق سراحه في صفقة تبادل أسرى. وإذا ما أُجريت انتخابات لرئاسة جديدة للسلطة الفلسطينية، فإن مروان ينوي الترشح، وقد يفوز فعلاً. سيكون هذا الوضع محرجاً للغاية لإسرائيل، لكن مروان البرغوثي قد يكون المفتاح للاستقرار والأمن وفتح آفاق جديدة بين إسرائيل والفلسطينيين.
سيكون من الخطأ رفض هذه الفكرة رفضاً قاطعاً وتجنّب بحثها ما دام أبو مازن لا يزال في منصبه وقادراً على العمل.
بإخلاص،
غرشون باسكين
الرد الذي تلقيته من رونين بار:
الدكتور باسكين،
يعمل جهاز الشاباك عبر عدة قنوات في محاولة للحفاظ على الاستقرار في الساحة الفلسطينية، وذلك أيضاً للتعامل مع “اليوم التالي”.
بطبيعة الحال، من دون الدخول في مسألة السياسة الفلسطينية الداخلية.
سأكون سعيداً بسماع أي فكرة جديدة حول هذا الموضوع، ولكن أود أن أذكّرك أن مروان البرغوثي حُكم عليه بالسجن المؤبد لقتله إسرائيليين، ولم يعبّر عن ندمه على أفعاله.
أتمنى لك سنة طيبة،
رونين بار
بعد هذا الرد، تواصلت مع أحد رؤساء الشاباك السابقين وسألته إن كان مستعداً لإجراء مراسلات مكتوبة مع مروان لتحديد ما إذا كان بإمكانه أن يكون الزعيم الفلسطيني الذي سيقود الشعب الفلسطيني نحو السلام مع إسرائيل. وافق الرئيس السابق للشاباك وأبلغ رونين بار بذلك، فأبدى الأخير رغبته في تلقي أي رؤى أو معلومات مثيرة للاهتمام تنتج عن تلك المراسلات. وافق مروان، وكان محاميه هو من تولى تبادل الرسائل.
آخر تبادل للرسائل جرى في أغسطس 2023. تضمنت رسالة مروان الأخيرة خطة مفصلة لحل الدولتين، بما في ذلك الترتيبات الأمنية والاقتصادية الإقليمية. ليس لدي إذن بنشر الرسائل، لكن يمكنني القول إن رسالة مروان الأخيرة كانت دليلاً واضحاً على أنه ما زال يدعم السلام مع إسرائيل على أساس حل الدولتين.
منذ بداية الحرب، نقلت إدارة السجون التابعة لبن غفير مروان من سجن إلى آخر. وُضع في الحبس الانفرادي معظم العامين الماضيين — وغالباً في الظلام. تعرّض للجوع ولسوء المعاملة الجسدية. ومثل غالبية الأسرى الأمنيين، مُنع من زيارات الصليب الأحمر، ومن الزيارات العائلية وحتى من مقابلة محاميه.
أنا أعرف مروان منذ عام 1996. أعتقد أنه لا يزال زعيماً فلسطينياً قوياً يمكنه صنع السلام مع إسرائيل. اعتُقل مروان بسبب قيادته للانتفاضة الثانية، وكان رئيس حركة فتح في المجلس التشريعي الفلسطيني. حُكم عليه بخمس مؤبدات وأربعين سنة إضافية. أُدين بالمسؤولية عن مقتل خمسة أشخاص رغم عدم وجود أدلة مباشرة، ولم يقتل أيًّا منهم بنفسه. رفض مروان الاعتراف بشرعية المحكمة ومحاكمته لأنه كان قائداً سياسياً ونائباً منتخباً. لقد كان ولا يزال الزعيم الفلسطيني الأكثر شعبية منذ أكثر من عشرين عاماً، ورمزاً للنضال الفلسطيني من أجل الحرية والكرامة. يتحدث العبرية والإنجليزية بطلاقة، ولديه أصدقاء كُثر من القادة الإسرائيليين السابقين الذين يعتقدون أنه يجب الإفراج عنه.
لسنوات حاولت إقناع الجانب الإسرائيلي بأن من الأفضل لإسرائيل وفلسطين أن يُفرج عن مروان في إطار اتفاق سياسي يتم التفاوض عليه معه وهو في السجن. قلت إنه سيكون أفضل للجميع أن يحدث ذلك بدلاً من أن يُفرج عنه في صفقة تبادل أسرى مع حماس. كان مروان على رأس قائمة الأسرى التي قدمتها حماس، لكن يبدو أن إسرائيل رفضت إطلاق سراحه. خلال الأسابيع الماضية تواصلت مع عائلته وحاولت إقناع الجانب الأمريكي بأن الإفراج عنه مهم لمستقبل إسرائيل وفلسطين. وأفهم من وسائل الإعلام أن الأمريكيين طلبوا من إسرائيل إدراج مروان في قائمة الأسرى المفرج عنهم، لكن يبدو أن إسرائيل شطبت اسمه.
إذا لم يُفرج عن مروان فعلاً، فيجب تنظيم حملة إسرائيلية–فلسطينية–دولية للمطالبة بإطلاق سراحه، ورغم أنها لن تؤثر على الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة وغير المسؤولة الحالية، إلا أنه يمكن تحويلها إلى قضية مركزية في الانتخابات الإسرائيلية القادمة — إذا جمعنا ما يكفي من الدعم المحلي والدولي.
من أجل السلام الإسرائيلي–الفلسطيني:
أطلقوا سراح مروان.